عدم التعاطف عند الشخصية النرجسية
من اهم صفات الشخصية النرجسية هي صفة عدم التعاطف. تقول دكتور راماني إن عدم التعاطف النرجسي يعتبر من أهم محددات الشخصية النرجسية.
ماذا يعني التعاطف؟
التعاطف هو الرغبة أو محاولة فهم التجربة العاطفية لشخص آخر، وغالباً يكون ذلك مصحوباً بسلوك للمساعدة أو لتلبية ذلك الاحتياج. كأن تقول كلمة لطيفة لدعم أحدهم. والمعنى الأكثر أهمية هو أنك تهتم، وليس شرطاً أن تمر بنفس التجربة التي مروا بها. التعاطف يقودك لمحاولة فهم تجارب لا تخصك شخصياً. الآن لنأخذ هذه الصفة وهذا المعنى للتعاطف، ولنرَ كيف يكون عند الشخص النرجسي.
عدم التعاطف النرجسي
عادة أرى الأشخاص الذين مع نرجسي أو في علاقة مع نرجسي يستمعون يوماً بعد يوم لذلك الشريك النرجسي يشكو من عمله، يشكو من الزملاء في العمل، كيف أنهم جاحدون ولا يعرفون قيمته.
ثم يوماً ما أنت تشاركه عن صعوبة يومك، وبالكاد يرفع نظره عن هاتفه وقد يرد قائلاً: ماذا تريد مني أن أفعل حيال هذا؟ لا يمكنني فعل شيء تجاه الأمر. ماذا؟ استمعتُ لك طيلة خمس سنوات، ويوم أطلب منك أن تستمع لأمر واحد مهم لي، لا يمكنك أن تُظهر بعض الاهتمام؟!
هذا ما يبدو عليه عدم التعاطف النرجسي. قد يكون الأمر أبعد من هذا. قد تمر بوقت عصيب وهو حتى لن يلاحظ ذلك. ربما فقط تحتاج القليل من المساعدة في المنزل، أو كتفاً تبكي عليه، أو شخصاً يفهمك وينظر إلى عينيك ويفهم كيف تعاني.
عدم التعاطف عند الشخص النرجسي هو أكثر ما يزعزع استقرارك النفسي كونك تعيش مع نرجسي.
تخيل الآن أنك طفل صغير لأبوين نرجسيين. افتقارهما للتعاطف يعني أنه عندما كنت تعاني وتكافح، هم حتى لم يلاحظوا، أو أنهم فقط يلاحظون ذلك عندما يناسبهم.
هذا أمر مدمر للطفل، أن يكبر وهو يشعر أن أبويه لا يهتمان له. وهذا هو جوهر العجز عن التعاطف عند النرجسيين: هم حقاً لا يهتمون.
هل يمكن أن يتعاطف النرجسي؟
يقول لي الناس أحياناً: "من المثير أن تقولي هذا، لقد كنتُ مع شخص نرجسي وأحياناً أشعر أنهم يهتمون". نعم، يفعلون أحياناً. لأن ما يفعله النرجسي هو أنه يستخدم التعاطف كسلاح يستخدمه فقط لمصلحته لأنه يحتاج منك شيئاً.
هم يولون اهتماماً حاداً ودقيقاً حول كيف تشعرون وإلى ماذا تتوقون. فيمكنه أن يقول: "يا إلهي! يبدو أنك تمر بمشكلة". ولكن كل ذلك مجرد تلاعب، كل هذا لإعطائك إحساس التعاطف وجعلك تصدق تعاطفه بحيث يمكنك بعدها أن تقوم بإعطائه المال الذي يرغب به أو وقتك أو أي شيء يحتاجه منك.
لذلك النرجسي يستغل التعاطف كأداة أكثر من كونه تعبيراً أصيلاً ورغبة حقيقية في التواصل معك.
ما هو قصف الحب؟
وكما يعرف الكثير منكم، عندما نتكلم عن النرجسي في مراحل مبكرة من العلاقات، فنحن نتكلم عن مرحلة "قصف الحب"، حين يأتي شخص ويغدقكم بالاهتمام والهدايا وكل هذه الأمور.
غالباً تشعر أنك مع أكثر الأشخاص تعاطفاً في العالم. يأتي ليصحبك من العمل ويعرض عليك المساعدة، كأن يحضر أغراضاً جديدة لبيتك، يعرض عليك المساعدة في أشياء أخرى تريد فعلها. عجباً، هذا الشخص قد نال منك تماماً.
تذكّر، بإمكانهم تشغيل وإيقاف التعاطف وقتما أرادوا. ليس كأنهم عاجزون عن ذلك، فهم قادرون تماماً، لكن بشكل عام لا يزعجون أنفسهم.
تذكر أنهم لا يهتمون، وبمرور الوقت وأنت تعيش مع نرجسي، وبسبب عجزه عن التعاطف، ستشعر وكأنك تعيش في بيت فيه مرآة، ولكنك لا ترى انعكاسك أبداً.
كما قلت، الأمر محيّر ومزعزع، وأنت عادة لا تعرف أين تتجه لتحصل على المشاعر التي تستحقها. بينما تعتقد أنه بإمكانك الحصول عليها من الأشخاص المهمين في حياتك. لكن إن كانوا عاجزين عن التعاطف... حظاً سعيداً مع ذلك!
هل يمكنني تغيير النرجسي وجعله متعاطفاً؟
الناس تتساءل: هل هناك أي شيء يمكن فعله حيال هذا الأمر؟ هل يمكنني خلق المزيد من التعاطف داخل النرجسي؟ على الأرجح، لا.
التعاطف أمر يأتي بالطبيعة. والأمر الخادع في هذا الموضوع هو ما نسميه "بالتعاطف المعرفي". لنقل أن شريكك يخونك وأنت تصرخين غاضبة: "يا إلهي لقد دمرتني وحطمت قلبي". ينظر إليك ويقول: "أوه.. نعم، أفهم كيف تشعرين".
هذا غير مفيد، ولا يجعلك تشعرين بتحسن. فهو نوع من الممارسة الفكرية للتعاطف، لكنه ليس حقيقياً. التعاطف الحقيقي يأتي مع عاطفة حقيقية، قد تكون دموعاً أو لمسة أو همسات لطيفة تطمئنك.
إذاً، يمكن للشخص النرجسي تصنّع التعاطف، ويمكنه استخدامه كأداة، بل أحياناً يمكنه حتى استخدامه كسلاح. لكن هناك شيء واحد لا يمكنهم فعله، وهو امتلاكه فعلياً.
العجز عن التعاطف ربما كان أحد أبرز علامات الشخص النرجسي. إن كان هذا يحدث لك، فأنت تعرف. هل يمكن لهذا أن يتغير؟ الأرجح لا.